الشيخ: إذا بدأنا بـ أوروبا، وجدنا -والكل يعلم ذلك- أنها كانت تسيطر عليها الديانة النصرانية في كل جوانب الحياة, ثم جاءت النظريات التي تتشح بوشاح العلم وتدعيه, ومن أخطرها النظرية الداروينية وأمثالها؛ فقضت تلك النظريات على الديانة, واندفع الناس اندفاعاً إلى الطرف الآخر, وحدث الغلو الآخر في العقلانية والمذهب الطبيعي وعصر التنوير وما أشبه ذلك، ثم تولد في رحم ذلك وفي أحضانه مذاهب ونظريات لا حصر لها.
وعلى سبيل المثال منها: نظرية فرويد، وكثير من نظريات علم النفس التي استمدت أصولها من الداروينية, أي: من حيوانية الإنسان، ومن مادية الإنسان, ومن إنكار روح الإنسان، فشطحت النظريات الغربية في المادية شطحاً بعيداً جداً, وابتعدت كثيراً عن الدين والإيمان والروحانيات، وأصبحت وبالذات في الجانب العلاجي -وهذه نقطة مهمة جداً- تتعاطى العلاج البعيد جداً عن الروح والإيمان بالله تبارك وتعالى, وهذا امتد إلى ما قبل أربعين عاماً تقريباً؛ أي: إلى نهاية الحرب العالمية الثانية أو بعدها بفترة.
في الجانب الآخر كانت هناك العقائد والأديان الشرقية التي تقوم على إنكار الدين, وإنكار الإيمان بالله تبارك وتعالى؛ بل بعضها يقوم على إنكار وجود الله؛ لأنها محرفة، وتعتمد اعتماداً مباشراً على ما يسمى الطاقة الكونية أو الكون, أو بالمعنى المعروف لدينا في كتب العقيدة عندنا: الإيمان بوحدة الوجود أو اتحاد الخالق بالمخلوق، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
فإذا تتبعنا هذه الظاهرة، وكيف نشأت, ثم كيف تلاقحت في أوروبا وفي أمريكا، بالذات بعد الحرب العالمية الثانية إلى أن وصلت في الستينيات إلى نقطة التقاء خطيرة جداً -وهذه أنا تتبعتها من خلال قراءتي في الكنائس النصرانية المختلفة- نجد أن تياراً عاماً لبرالياً اكتسح الساحة الأمريكية والأوروبية، ونخص هنا بالذكر ما يتعلق بالعلاج النفسي.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع